البيانات الضخمة: كيف تُستخدم ولماذا تهمنا؟

أتوقع أن معظمنا سمع بمصطلح “البيانات الضخمة” (Big Data)، لكن هل تساءلت يومًا عن تأثيرها الحقيقي على حياتنا اليومية؟ ببساطة، البيانات الضخمة تعني مجموعات هائلة من المعلومات التي يمكن تحليلها عبر الحواسيب لإظهار أنماط واتجاهات، خصوصًا تلك المتعلقة بالسلوك البشري وتفاعلاته. لكن كيف تُستخدم هذه البيانات؟ وما المخاطر التي قد تترتب على ذلك؟

لماذا تُستخدم البيانات الضخمة؟

أشهر استخدام لها هو في الإعلانات الموجهة. تفتح هاتفك، تتصفح الإنترنت، وفجأة تظهر لك إعلانات لمنتجات تبدو وكأنها تقرأ أفكارك! هذا ليس سحرًا، بل هو تحليل دقيق لما تبحث عنه وما تهتم به، بهدف عرض إعلانات تناسبك. ولكن هل هذا هو الاستخدام الوحيد؟ بالطبع لا، فهناك تطبيقات أخطر بكثير!

من أين تأتي هذه البيانات؟

هل تظن أن بياناتك محمية؟ فكر مرة أخرى! هناك مصادر لا تُعد ولا تُحصى لجمع المعلومات عنك، ومن أهمها:

  • وسائل التواصل الاجتماعي: بمجرد تسجيلك في فيسبوك، إنستغرام، واتساب، أو تويتر، يُطلب منك رقم هاتفك، ومن هنا تبدأ القصة! الذكاء الاصطناعي يمكنه معرفة أصدقائك، اهتماماتك، ميولك السياسية، الأماكن التي تزورها، وحتى الأطعمة التي تفضلها.
  • محركات البحث: كل عملية بحث تقوم بها على جوجل تُضاف إلى “بروفايلك الرقمي”، حتى وإن لم تكن مسجّل الدخول. جوجل يعرف المواضيع التي تهمك، المقالات التي تقرأها، والمواقع التي تزورها بانتظام.
  • بطاقات الولاء والمتاجر: عندما تحصل على بطاقة خصومات من متجر أو مول، وتسجّل بها رقم هاتفك، فأنت تقدم بياناتك على طبق من ذهب. كل عملية شراء تقوم بها تُضاف إلى ملفك، مما يمكّن الشركات من معرفة عاداتك الشرائية.
  • المستشفيات والبنوك: كلما زرت مستشفى أو بنكًا، يتم تسجيل رقم هاتفك. هل تظن أن هذه البيانات تُستخدم فقط لخدمتك؟ ربما، لكن ماذا لو تم بيعها أو استخدامها لأغراض أخرى؟
  • الأجهزة الذكية: الهواتف، الساعات الذكية، التلفزيونات الذكية، وأجهزة الألعاب كلها متصلة بالإنترنت، وبعضها يحتوي على ميكروفونات وكاميرات يمكن تشغيلها عن بعد.

الذكاء الاصطناعي: المخترق الصامت

مع التقدم الهائل في الذكاء الاصطناعي، أصبحت أنظمة تحليل البيانات أكثر تطورًا. الآن، هناك برامج يمكنها تحليل مكالماتك الهاتفية وتحويل حديثك إلى نصوص يتم تحليلها لمعرفة اهتماماتك ومواضيعك المفضلة. الأسوأ من ذلك؟ بعض التقنيات يمكنها تشغيل ميكروفون هاتفك دون علمك! حتى الصور والوثائق التي ترسلها عبر البريد الإلكتروني يمكن استخلاصها وتحليلها.

المستقبل: هل نحن مكشوفون بالكامل؟

اليوم، لا تزال كمية البيانات ضخمة جدًا لدرجة أن تحليل كل شيء عن الجميع أمر صعب. ولكن خلال 5 إلى 10 سنوات، من المتوقع أن تصبح التكنولوجيا قادرة على تتبع وتحليل كل معلومة عن كل شخص، وبدقة غير مسبوقة. قد لا يكون رقم هاتفك هو المرجع الأساسي بعد الآن، بل عنوان الـ IP الخاص بك، أو حتى بصمتك الرقمية الفريدة.

هل هناك حل؟

ليس من السهل إيقاف هذا الزحف الرقمي، ولكن يمكنك اتخاذ بعض الخطوات لحماية خصوصيتك:

  • استخدم متصفحات تحترم الخصوصية مثل “Brave” أو “DuckDuckGo”.
  • قلل من مشاركة معلوماتك الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • راجع الأذونات التي تمنحها للتطبيقات على هاتفك.
  • استخدم شبكات VPN لإخفاء عنوان IP الخاص بك.

الخلاصة

نحن نعيش في عصر البيانات، وكل خطوة نخطوها في العالم الرقمي تترك أثرًا يمكن تتبعه. السؤال هو: هل نريد أن نكون مجرد بيانات تُباع وتُشترى، أم أننا سنتعلم كيف نسيطر على معلوماتنا ونحمي خصوصيتنا؟ الكرة في ملعبك!

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email