الحلم والتغيير: كيف تتبدل الأحلام مع الزمن

نكبر، ومعنا تكبر أو تصغر أحلامنا. كلما تقدم بنا العمر، نفقد جزءًا من تلك الأحلام، جزءًا من الطموح، وجزءًا من التوقعات التي كانت تملأ رؤوسنا في صبانا. نواجه واقعًا يفرض علينا التغيير؛ فالأشياء التي كنا نتمسك بها بكل شدة، تصبح مع مرور الوقت غير ذات صلة، تفقد بريقها وطعمها.

كل سنة من حياة الإنسان كأنها تستهلك جزءًا منه. ربما يتذكر الكثير منا فترة المراهقة، تلك الفترة التي كانت فيها أحلامنا لا تعرف حدودًا. كنت دائمًا أحلم بالكثير، وكنت أنتقد والدي – رحمه الله – على الأمور التي كان بإمكانه القيام بها ولم يفعلها. كنت أتساءل: لماذا يركب هذه السيارة وهو قادر على شراء أفضل منها؟ لماذا يرتدي هذه الملابس وهو يستطيع اختيار أفخم الماركات؟ لماذا ساعته ليست “رولكس” وهو قادر على شرائها؟

الآن، بدأت أفهم. لم يكن السؤال لماذا لم يفعل كل هذه الأمور، بل السؤال الحقيقي هو كيف كانت الحياة تفرض عليه قيودًا جعلته يعيد ترتيب أولوياته. مع مرور الزمن، تبدأ أحلامك بالتأقلم مع حاجات وتوقعات الأشخاص القريبين منك. تبدأ “تحسب الأمور”، وهنا تحديدًا يبدأ الإنسان بفقدان جزء من أحلامه.

لكن الجمال الحقيقي يكمن في الحفاظ على ما تبقى من تلك الأحلام. بين الحين والآخر، من المهم أن تبتعد عن الواقع قليلاً، لتعود وتتذكر أحلامك القديمة. لأن الذكريات، على عكس الأحلام، تكبر مع تقدم العمر، وفي كثير من الأحيان يمكنها أن تمنحك نفس النشوة والسعادة التي كنت تشعر بها في الماضي.

الحلم هو وقود الحياة، حتى وإن تغير مع مرور الزمن، فالتغيير جزء من النضج. لكن لا تدع الأعباء والمسؤوليات تطفئ شغفك. تذكر دائمًا أن الذكريات والحلم يمكن أن يعيدا لك الشعور بالحيوية والطموح، حتى لو اختلفت ملامحهما مع الزمن.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email